المستحيل هو ما لن يكتبه الله لك لا ما لم تستطع أنت فعله




عندما كنت صغيراً، حصلت على هدية نجاح كانت عبارة عن جهاز إلكتروني يسمى “كمبيوتر صخر”، وكان يحتوي على برنامج صغير أستطيع أن أكتب فيه بعض الأكواد بلغة Basic حيث ينتج عن ذلك صنع بعض البرامج أو الألعاب البسيطة جداً. كنت في كل مرة أكتب عشرات الأسطر وأحاول تنفيذ البرنامج ثم أصطدم بكلمة مزعجة جداً وهي (Error). لم أكن أفهم معنى الكلمة حتى أني حاولت ترجمتها في أكثر من مكان ولم أستطع، لكني كنت أدرك أنها كلمة سيئة تعني فشلي في تصميم البرنامج، لذا كنت أكره هذه الكلمة كثيراً، وحاولت عشرات المرات التعديل على الكود حتى كدت أطير من الفرح ذات يوم حين استطعت أن أخفي تلك الكلمة اللعينة وبالتالي أصبح برنامجي يعمل.

القصة السابقة هي نموذج يعبر ببساطة عن أي معركة يخوضها أي شخص نحو أي نجاح، حتى لو كان نجاحاً بسيطاً فهو يستحق أن يحتفى به، تلك المعركة المستمرة بين الفشل والمحاولة التالية، بين الحقيقة والحلم، هي التي تشكل الفارق دائماً. لذا يجيد التاريخ كتابة بعض الشخصيات بخط عريض، شخصيات لم تستسلم من المرة الأولى ولا العاشرة ولا حتى المائة.

توماس أديسون المخترع العبقري حاول ٩٩ مرة قبل أن يصل لاختراع المصباح الكهربائي وقال بعد ذلك: “لقد تعلمت ٩٩ طريقة خاطئة لاختراع المصباح”، أما فاروق الباز العالم المصري الشهير عندما أراد الهجرة لأمريكا، راسل أكثر من مائة شركة وجامعة فرفضته كلها، وفي المحاولة الأخيرة قبل الاستسلام راسل شركة ناسا، ويا للدهشة حيث قبلته وأصبح ضمن برنامج أبولو للصعود إلى القمر.

الحياة مخيفة جداً، لكنها تستحق المغامرة، مليئة بالكوارث، ولكن لا يعني ذلك أنها ستقتلنا، لذا أجد نفسي في كل مرة أصل لليأس أتذكر طعم النجاح فأستمر، لن أتوقف حتى لو ظهر لي ألف Error في الحياة. لا يمكن أبداً أن أتوقف عن المحاولة.

ما قيمة الحياة إذا كانت خالية من النجاح؟ حسناً وما قيمتها إن كانت خالية من الفشل؟ الأمران سيان، لا قيمة لها، الجميل هو أن يكون لديك خليط من هذا وذاك. إليك المعادلة: قليل من الفشل، قليل من النجاح، وكثير من الفشل، كثير من النجاح.

كنت أقرأ عن حياة لاعب السلة الأسطوري مايكل جوردان وكيف نجح، قرأت أنه: “بعد استبعاده من فريق كرة السله في مدرسته، ذهب إلى منزله وأغلق الباب ولاذ بالبكاء ثم نهض ليبدأ مشوار نجاحه، وأصبح أفضل لاعب سلة في التاريخ” أما مايكل فيقول عن نفسه: “لقد أخطات الهدف في أكثر من تسعة آلاف رمية خلال حياتي الاحترافية، وخسرت أكثر من ثلاثمائة مباراة، وفي ست وعشرين مرة كنت المؤتمن على رمية الفوز الحاسمة وأخطات الهدف. لقد أخفقت في حياتي مرة بعد مرة، ولذلك تراني اليوم ناجحاً”.

يستفزني الشخص الناقم على المجتمع والحياة والفرح الذي يحاول انتقاد أي شيء جميل لمجرد أن يخالف الخط السائد، شخصياً لا أحب أن أزدري أي فن أو مجال أو عمل، أحب أن أنشغل بكيف تم ذلك، وليس لماذا تم. وبين هذين التساؤلين يكمن السر، كم هو جميل أن يجرب الإنسان كل شيء، أن يتوغل في فك رموز الكون ويستعمل كل أدواته، ثم يسخر ذلك لعمل نبيل، أو على الأقل مفيد. أعلم تماماً بأن الناس يملكون استعداداً لفعل أشياء لم يتوقعوا فعلها ذات يوم متى ما واتتهم الفرصة المناسبة.

يستفزني أيضاً الشخص اليائس، ذلك الشخص الذي يتصور أن القدر يهتم بمحاربته، وأنه لا فائدة من كل هذا. ويغيظني حقاً أن شخصاً لا يهتم بذلك الكنز المدفون بداخله، أن يقضي عمره مفتشاً عن المال أو الراحة أو أمور الحياة الجانبية ولا يفتش عن ذاته ولو لمرة. أنا أتعجب كيف تكون الحياة بهذه التفاهة، وكيف يحق لإنسان ما أن يخطو بثبات نحو الموت.

لا يمكن أن أكون أبداً على هامش الكون، لا يمكن أن أتوكأ على جدار من الورق، ذلك وهم كبير، أن أظن ولو لمرة بأن وجودي أمر بهذه الضآلة، عبث أن أشنق حلماً ما قبل أن أدعه يقطع أشواطاً من المحاولات، ثم ألعن الحظ والقدر والوجود.

الحياة طويلة جداً لمن لا يعمل. نعم ذلك ما يدور في عقلي مراراً، إذا كان يومك يمضي ببطء فراجع نفسك، هناك خلل ما ويجب عليك إصلاحه، أعد ترتيب أولوياتك ثم ابدأ السباق. ولا تنشغل بالحواجز البسيطة، لن تنجح إن فعلت ذلك. ركز على خط النهاية، وعش متعة المغامرة. من يملك القدرة على المغامرة هو من سيملك القوة بالمستقبل، الضعفاء فقط هم من يبقون على حالهم.


منقول