من يرى العالم وهو في الخمسين من عمره مثلما كان يراه وهو في العشرين فقد أضاع ثلاثين سنة من عمره
إمتلك قطعة من الحياة
مقتطف من كتاب أفكار صغيرة لحياة كبيرة لكريم الشاذلي
هيا يا صديقي أحضر ورقة وقلم ، وتعال لكي تكتب نعيك. !
أدري أنه مطلب شؤم ، لكن المغزى منه جد مهم. !
أحد الصالحين كال.ن يجلس في حفرة ويقول ) رب ارجعون لعلي أعمل
صالحا ( ، ثم ينهض قائلاً لنفسه : ها قد عدت ، فأرنا ماذا تفعل ؟. !
إنه يقوم بتمثيل دور المحتضر ، القادم على ربه بصحيفة عمله .
والمحتضر يمر على ذهنه حال احتضاره شريط حياته ، فيود صادقا تغيير
أحداث ومواقف ، ويأمل في أن يضيف لمشواره إضافات أخرى أآثر قوة
وخيرية ونُبل.
إستطاع الروائي غابريل مارآيز ، أن يعبر عن هذا المعنى جليا بعدما
اآتشف إصابته بالمرض اللعين وشعر بظلال الموت تزحف لتنهي حياته
الحافلة
فكتب على موقعه على شبكة الانترنت رسالة موجهة إلى قرائه قال فيها
: آه لو منحني االله قطعة أخرى من الحياة ! ،
لاستمتعت بها ـ ولو آانت صغيرة ـ أآثر مما استمتعت بعمري السابق
الطويل ، ولنمت أقل ، ولاستمتعت بأحلامي أآثر ، ولغسلت الأزهار
بدموعي ،
ولكنت آتبت أحقادي آلها على قطع من الثلج ، وانتظرت طلوع الشمس
آي تذيبها ، ولأحببت آل البشر .
ولما ترآت يوما واحدا يمضي دون أن أبلغ الناس فيه أني أحبهم ،
ولأقنعت آل رجل أنه المفضل عندي .
آانت هذه قارئي الحبيب نصيحة رجل وقف على حافة الموت ، يتمنى أن
يعود بقدميه للخلف آي يقتنص قطعة أخرى من الحياة ،
وما أريده منك الآن أن تبصر بوضوح أن أمامك قطعة من الحياة تستطيع
أن تفعل فيها الكثير .
عندما أطالبك بأن تكتب نعيك أريدك أن تكون أآثر وضوحا لما تريده من
حياتك المستقبلية .
أآثر استفادة من تجارب الآخرين وخبراتهم . أقل أخطاء وعثرات.
وتصور أن أولادك مثلا بعد ثلاثون عاما سيجلسون لكتابة نعيك ، ما
الذي تود أن يكتبوه فيه ؟.
هل يكتبوا اسمك فحسب ، نظرا لأن حياتك لم يكن فيها ما يميزها ؟.
أم أنه سيكتب في النعي صفة رنانة ( المربي الفاضل ، رائد العمل
التطوعي ، رجل الأعمال الخلوق . (
لا تخرج من الحياة يا صديقي آما دخلتها ، صفراً من الإنجاز والتقدير.
أمير الشعراء ( شوقي ) يلهب حماستك أن ) آن رجلاً إذا أتوا من بعده
يقولون مر .. وهذا الأثر . (..
فأين أثرك الذي يدلل عليك ، أين معالم إنجازك ، وملامح عظمتك ؟ .
و أسفاه على امرء ينظر إلى سنين عمره وقد طوتها الأيام طياً ، بلا
إنجاز يذآر ، أو فعل يخلده .
قم الآن قارئي الحبيب وأحضر ورقة بيضاء ، واسأل االله أن يهبك العمر
المديد والعمل الصالح ، واآتب نعيك بنفسك ،
وتعهد لذاتك بأن تحقق ما اخترته ليكون عملك الخالد الباقي .
أنظر إلى آخر الطريق ، قبل أن تجد السير فيه ، وأتح لنفسك الفرصة آي
ترى المستقبل ماثلا بوضوح أمامك ،
وتذآر دائما قول خالقك ) ولتنظر نفس ما قدمت لغد. (
إشراقة : من يرى العالم وهو في الخمسين من عمره مثلما آان
يراه وهو في العشرين فقد أضاع ثلاثين سنة من عمره ...
محمد علي كلاي
0 تعليقات
شكرا لتعليقاتكم الكريمة